nawaim مشرف
المساهمات : 100 تاريخ التسجيل : 08/04/2008
| موضوع: جمال اللغة العربية الأربعاء أبريل 09, 2008 9:48 am | |
| كان جمال العربية على ألسنة الناطقين بها ـ منذ أقدم العصور حتى اليوم ـ باباً للخلاص من الشدائد والنجاة من المواقف الصعبة, وكان يكفي أن يتكلم البليغ بما يُحْسنُ, والشاعر بما يُبدع والكاتب بما يجيد, حتى تسترق القلوب والعقول, وتميل النفوس والأرواح, مشربة بأقباس من هذا البيان الجميل والتعبير المحكم والبلاغة الساحرة.
وبالرغم من تغير الأذواق في نظرتها إلى جمال العربية , من عصر إلى آخر, فإن كيمياء هذه اللغة وسحرها بقي نفاذاً وفاعلاً, مادام اللسان الذي ينطق به, والقلم الذي يخطه, قادرين على أن يمتحا من ماء القلب ليصلا إلى صميم القلوب التي تستمع وتقرأ, وتتأمل وتتذوق, وتحلل وتفسّر, وتلتقي ـ بالرغم من تباعد الزمان والمكان ـ عند جمال العربية , الذي سنطالع تنويعات له في هذه السطور الكاشفة عن مواقف مختارة, وتجليات بيان لا يغيب. طارق بن زياد وفتح الأندلس: هي الخطبة المشهورة التي ألقاها طارق بن زياد ـ المتوفى سنة ثلاث وتسعين هجرية ـ في جنوده المسلمين, وهو يحثهم على الجهاد ويرغبهم في فتح الأندلس, ويكشف لهم عن عظم المهمة وجسامة المواجهة في صدق وصراحة نادرين, ويفعل الكلام في جنود طارق فعل السحر, وتصبح تجليات البيان عوناً على تجليات البطولة والانتصار. حمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس أين المفر ? البحر من ورائكم والعدو أمامكم, وليس لكم والله إلا الصدق والصبر. واعلموا أنكم في هذه الجزيرة أضيع من الأيتام في مأدبة اللئام, وقد استقبلكم عدوكم بجيشه وأسلحته وأقواته موفورة وأنتم لاوزر لكم إلا سيوفكم ولا أقوات إلا ما تستخلصونه من أيدي عدوكم. وإن امتدت بكم الأيام على افتقاركم ولم تنجزوا لكم أمراً ذهب ريحكم وتعوّضت القلوب من رعبها منكم الجرأة عليكم. فادفعوا عن أنفسكم خذلان هذه العاقبة من أمركم بمناجزة هذا الطاغية فقد ألقت به إليكم مدينته الحصينة. وإن انتهاز الفرصة فيه لممكن إن سمحتم لأنفسكم بالموت. وإني لم أحذركم أمراً أنا عنه بنجوة ولا حملتكم دوني على خطة أرخص متاع فيها النفوس. أبدأ بنفسي. واعلموا أنكم إن صبرتم على الأشق قليلاً استمتعتم بالأرفه الألذ طويلاً فلا ترغبوا بأنفسكم عن نفسي فما حظكم فيه بأوفر من حظي. وقد بلغكم ما أنشأت هذه الجزيرة من الخيرات العميمة, وقد انتخبكم الوليد بن عبدالملك ـ أمير المؤمنين ـ من الأبطال عرباناً, ورضيكم لملوك هذه الجزيرة أصهاراً وأختانا, ثقة منه بارتياحكم للطعان, وسماحكم بمجالدة الأبطال والفرسان, ليكون حظه منكم ثواب الله على إعلاء كلمته وإظهار دينه بهذه الجزيرة وليكون مغنمها خالصا لكم من دونه ومن دون المؤمنين سواكم, والله تعالى ولىّ إنجادكم على ما يكون لكم ذاكراً في الدارين. -منقول- | |
|